أهم الأخطاء الشائعة في تعامل المطلقين مع أبنائهم
الجمعة مايو 07, 2010 8:37 pm
ـ أن موقف الابن من طلاق أبويه يتوقف على عوامل كثيرة منها تكوينه النفسي،
وردود أفعال أصدقائه وأقربائه، وتصرف الأبوين معه، وكيفية تعاملهم معه بعد
الطلاق، ومدى استيعابه لأسباب الطلاق تمهيداً لتقبله ووصولاً إلى اعتباره
الحل الأفضل للمشاكل القائمة فعلاً بين الزوجين والتي كانت ستهدد فرصته
الجيدة في حياة طيبة..
ـ لذلك ننبه إلى أهمية الأخطاء الشائعة في تعامل المطلقين وخاصة الأم مع
أبنائها بعد وقوع الطلاق..
ومن ذلك مثلاً.. ترديد كلمات أمام الأبناء تفيد بأنهم ضحايا وقد فقدوا
الاستقرار والتماسك الأسري، وبالطبع ليس من الذكاء تصور أي خير يرجى من ابن
ينشأ على الاعتقاد بأنه ضحية ومسكين.. وبدلاً من ذلك فمن الذكاء إفهامهم
بأنهم ليسوا أقل من الآخرين، وأن الطلاق أمر مشروع من الخالق، وكان يمكن
تحريمه في حالة وجود أبناء، لو كان سيقتلهم، وأن هذا الطلاق في صالحهم حتى
لا يعيشوا في جو نزاعات مستمر، وأن الاختلاف هو عدم إقامة الأب معهم، وهذا
يمكن مواجهته بإمكانية محادثته أو التوجه إليه متى أرادوا ذلك.. وتذكيرهم
بأنهم أفضل حالاً ممن مات أبوهم، وأن الطلاق ليس عاراً نتخفى منه، ولكن
العار يكمن في القيام بالأمور المخلة بالآداب أو القانون.. وأن كل من
والدهم وأمهم لم يفعلوا ذلك.. فليرفعوا رؤوسهم إذن.. ويستمتعوا بأيام عمرهم
ويفرحوا بكل النعم التي ينعمون بها، بدلاً من التباكي مما حرموا منه..
ـ أيضاً.. يجب التنبيه إلى أنهم لم يفقدوا التماسك الأسري، لأنه ببساطة لو
كان موجوداً لما حدث الطلاق.. وأن الطلاق كان لتصحيح موقف خاطئ وحياة غير
جميلة للجميع.. سواء للأبوين أو للأبناء، ولذا فالجميع أصحاب مصلحة في
حدوثه، وأنه لولا حدوثه لعاشوا في مشاكل متصلة، ولعجزت الأم عن توفير
اهتماماتهم المختلفة وتحقيق رعايتهم بالصورة التي يحبونها، ومتى أحس
الأبناء بأن الطلاق قد عاد عليهم ببعض الفائدة فإنهم سيتقبلونه بصورة
أفضل.. حتى يكفوا عن اتهام الأبوين أو أحدهما بالأنانية لعدم استمراره في
الزواج أو لظن أنه سبب حدوث الطلاق أو لكونه الساعي إلى حدوثه.. وبذا
ينقمون عليه لأنه يعيش أفضل مما كان بينما يدفعون هم الثمن ـ كما يتصورون ـ
وعندما يكتشفون أنهم استفادوا ـ أيضاً ـ فإن الوضع سيختلف جذرياً..
ـ ونحذر من تقمص الأم المطلقة لدور المتهمة عندما يسألونها عن أسباب
الطلاق.. فلابد أن تحرص على الابتعاد عن العصبية والتحدث بهدوء ـ قدر
الاستطاعة ـ ومعالجة الموقف بلباقة فائقة مع عدم التوسع في ذكر التفاصيل
التي تؤيد وجهة نظرها، فهي ليست في حادة لإثبات رداءة والدهم لكي تنال حبهم
أو تعاطفهم، وعليها أن تتذكر أنهم يحبونها فعلاً لأنها والدتهم،
وسيحترمونها أكثر كلما ابتعدت عن النيل من والدهم حتى لو فعل هو ذلك..
فستكون صورتها أفضل لديهم..
ـ ولكل مطلقة أقول: إذا كان طليقك يسيء معاملة أبنائك فلا تبالغي في
استنكار ذلك أو النيل منه حتى لا تشعرينهم بسوء الحال التي وصلوا إليها،
ومن الطبيعي أن يحملونك بدورهم ـ بعض المسؤولية ـ لأنك مَن وافقت على
الزواج من أبيهم بل وأنجبت منه أيضاً.. والأذكى والأجمل هنا أن تحولي تغيير
الحديث ـ إن أمكن ذلك ـ أو أن تقومي باحتوائهم عاطفياً، ويمكنك المزاح
معهم قائلة: لماذا لا نحتفل بأننا لا نعيش في مشاكل.. أما أن تسارعي بسبه،
ثم تسمحي لهم بالتقليد فهذا خطأ تربوي، ليس وراءه سوى الخسارة، ولا تبدي
سعادتك بأخطائه معهم، حتى لا تبدين في صورة الأم الأنانية التي تسعدها
أخطاء طليقها مع أبنائها لأنها تؤكد أحقيتها في الانفصال عنه، وتعاملي مع
الموقف بترفع جميل وستربحين دائماً..
ـ وتذكري دائماً أنك كلما وجهت الشتائم لطليقك أمامهم ازداد تعاطف الأبناء
معه ـ ولو سراً ـ واتهموك بالعدوانية دون أن يفصحوا بالطبع ـ وكوني ذكية
وابخلي عليه بذلك ـ وبالطبع ـ لا تقعي في النقيض بأن تكيلي له ألوان المديح
فيصبح من حقهم اتهامك وحدك بإفشال العلاقة، وكوني وسطاً في ذلك ولا مانع
من آن لآخر من (تسريب) معلومة عن واقعة حدثت أثناء الزواج وكانت من أسباب
الطلاق مع التركيز بأنك لا تحملين له أية ضغينة وإنك تتمنين له الخير لأنه
والدهم، وأنك لست نادمة على الزواج به بسبب إنجابك لهم، ولست نادمة على
الطلاق منه لصالحهم، وشجعيهم على زيارته من آن لآخر، والسؤال عنه بالهاتف
دائماً، وتذكره في المناسبات وعيد ميلاده، ومتابعة أموره عمله، فكل ذلك شيء
يحسب لك، وفي الوقت نفسه ينمي علاقتهم بوالدهم في إطار أنت تعرفينه جيداً
وترضين عنه، ويشبع بعض احتياجاتهم النفسية لوجود الأب في حياتهم مما يمنحهم
الاتزان النفسي ولا تبخلي عليهم به أبداً.. ولا داعي ـ مطلقاً ـ للخوف من
أن يتركونك ليذهبوا إليه، لأنه لا يوجد ـ أبداً ـ ما يعوض حنان الأم وحضنها
الدافئ..
ـ أما إذا حرصت على منعهم من زيارته أو التقليل منها، فالقاعدة تقول: إن كل
ممنوع مرغوب وسيحيطون والدهم بسياج من الأوهام والتقديس وسيقولون لأنفسهم:
لو كنا نراه لحدث كذا وكذا من الأمور الجميلة، وكلما حدث لهم أمر سيئ،
لقالوا: لو كنا نراه لما حدث..
لذا فمن الحكمة دفعهم لزيارته وليروا منه الحقيقة، فإذا كان حريصاً على حسن
التعامل معهم، فلماذا تلصقي بنفسك بشاعة الأنانية وترفضين ذلك؟ ألم تسمعي
بالمثل الشعبي (الجميل) القائل: (مَن يعطي ابني بلحة أتذوق حلاوتها في فمي)
وكوني أكثر ثقة في نفسك وفي عطائك، كما أنك لست في مباراة على طليقك
لإثبات من أفضل مع الأبناء الذين إذا شعروا بذلك يسارعون بابتزاز كل طرف..
وتذكري أنك تتبارين مع نفسك في العطاء لأبنائك لأنهم أبناؤك وحسب، وليس
لإغاظة طليقك، أو لإثبات أنك أفضل، أو ليقول الناس ذلك عنك، ولكنك تفعلين
ذلك لأن هذه هي رسالتك الحقيقية في الحياة ولأنهم يستحقون ذلك بالفعل
واستشعري جمال عطائك واحتفلي بنفسك وأفرحي كلما ازدادت قدرتك على العطاء..
أما إذا اقتربوا منه ووجدوا ما يسيئهم فسيتراجعون بإرادتهم.. ولا تحاولي
استعجال ذلك حتى لا يتشبثوا بالعناد.. وتذكري أن ذلك لن يقتلهم.. وأن
الحكمة تقول: ما لا يميتني يقويني، وتعاملي مع الأمر بهدوء.. وتذكري أن
الخبرات المؤسفة تعطي خبرات أكثر بالحياة، وإذا وجدت أن صورة الأب قد تشوهت
بأذهانهم فاحرصي على وجود الصورة الحقيقية ـ للأب كما يجب أن تكون ـ
أمامهم ولو في الخيال بالحديث عن والدك مثلاً.. أو أحد الأقرباء الذي
تتوافر فيه صفات الأب الصالح، وذكريهم بأهمية أن يراعوا عندما ينجبوا ألا
يكرروا تصرفات أبيهم التي ضايقتهم.. واحتضنيهم بحنان وأكدي لهم أنهم
محظوظون لأنك تسعين جاهدة لتعويضهم عن ذلك.. بينما هناك آخرون لا يتمتعون
بحنان كلا الوالدين.. ونمّى دائماً عندهم الإحساس بالرضا بما ليس في اليد
تغييره، والثقة بأن الله ـ سبحانه وتعالى ـ قد اختار لنا أخف الضرر..
وأشيعي في البيت داماً جو المرح والسعادة، ليرتبط وجودك معهم بالفرح
والحنان..
ـ تؤكد الدراسات النفسية أن معاناة الأبناء من الطلاق تكون في أشد صورها في
السنة الأولى من الطلاق حيث يكون بمثابة صدمة لهم، كما يشعرون بقلة
الرعاية الممنوحة لهم ويحاولون التمرد على سلطة الوالدين، ويشعرون بالقلق
على مستقبلهم المادي والاجتماعي أيضاً ـ ولا بد من التنبه إلى ذلك وإخبارهم
بأن أمورهم لن تتأثر بالسلب، ومحاولة تحقيق ذلك إلى أقصى درجة ممكنة، كما
أن هناك حقيقة نفسية هامة، وهي أن الأطفال حتى سن الخامسة تقريباً يكون
تأثرهم بآثار الطلاق النفسية والصحية أقل من نظرائهم ممن وصلوا لسن العاشرة
أو تجاوزوها حيث يزداد إدراكهم للأمور ويفهمون أسباب النزاع بين الأبوين..
ـ ومن الأمور اللافتة للنظر أن الطلاق يؤثر على علاقة الأبناء بأجدادهم من
ناحية الأب وكذلك أعمامهم وعماتهم.. ويجب على الأم الواعية أن تنتبه لذلك
وألا تحرم أبناءها من إقامة علاقة قوية مع أهل والدهم ـ متى رغبوا في ذلك ـ
على أن تتابع تفاصيل هذه العلاقة بذكاء حتى لا يقوموا بشحن الأبناء ضدها،
وهذا ما يحدث للأسف في بعض الحالات.. وهنا على الأم الذكية ألا تسيئ ـ
بصورة مباشرة ـ لأهل طليقها.. وألا تسرف في القلق من هذه الناحية، فبمرور
الوقت سيقل حماس أهل طليقها للإساءة إليها، وسيزداد وعي الأبناء بسوء نيتهم
وهذا لا يعني الإسراف في الاطمئنان، ولكن المطلوب هو التزام الحذر
المعقول..
ـ وهناك خطأ شائع تلجأ إليه بعض المطلقات وهو المبالغة في الإنفاق المادي
على الأبناء كتعويض عن الطلاق، وعندما يشعر الأبناء بذلك فإنهم يلجأون إلى
الابتزاز، وهذا أسوأ ما يمكن أن نفعله بأبنائنا، فقد تلجأ بعض الأمهات
المطلقات إلى الإسراف في منح الحرية والتدليل للأبناء، كتعويض لهم، وهذا ـ
أيضاً ـ خطأ فظيع قد يدفع الأبناء إلى الانحراف ـ لا قدر الله ـ فضلاً عن
شعورهم بأن هذا حق لهم لأن الأم تشعر بالذنب تجاههم بسبب الطلاق.. وعلى
الأم المطلقة أن تكف عن الشعور بالذنب، حتى لو كان لها دور حقيقي في ذلك،
ما دام ليس في الإمكان تغيير الأمر الواقع.. وأن تكف عن جلد نفسها وأن
تحاول ـ بجدية ـ تعويض أبنائها ـ ليس بالمال أو بالتدليل ـ ولكن بالتربية
الحازمة والحانية أيضاً، حتى يشبوا أبناء ناجحين ومستقرين نفسياً وقادرين
على التعامل مع الآخرين فهذا هو التعويض الوحيد والحقيقي لهم عن محنة
الطلاق..
ـ عندما يسال الأبناء عن أسباب الطلاق، فيجب السماح لهم ـ بل وتشجيعهم
أيضاً ـ على التعبير عن انفعالاتهم وغضبهم وحزنهم ومناقشتها بثقة وهدوء ـ
دون صراخ ـ والتأكيد بأن الطلاق كان لمصلحة الأبناء، وأن كلا الوالدين لن
تتأثر مشاعره تجاهه، وأن الأبناء ليسوا مسؤولين عن أي خلافات حدثت بين
الوالدين، حتى لا يشعرون بالذنب، وهذا ما يحدث أحياناً، كما يجب عدم محاولة
جذب الأبناء إلى الأم ضد الأب حتى يعاني الأبناء من الصراعات مما يضاعف من
معاناتهم الحقيقية مع عدم المبالغة في الخوف عليهم من الانهيار أمام
الطلاق، فالكثيرون من الأبناء تحملوا ـ ويتحملون ـ توابع الطلاق متى وجدوا
الرعاية والحنان من الأبوين أو من أحدهما فقط مع عدم التركيز على نقائص
الطرف الآخر..
ـ لا تنظري إلى أبنائك على أنهم قد حرموك من (فرصة) الزواج الثاني، فهناك
الكثيرات من المطلقات ـ بلا أبناء ـ ولم يتزوجن ثانية، كما أن هناك
الكثيرات من الفتيات اللاتي لم يتزوجن وهناك مطلقات بدون أبناء تزوجن لخدمة
أبناء الزوج من أخرى.. أليس الأولى أن تقومي بتربية أبنائك، كما أنه ليس
من العدل تحميلهم مسؤولية عدم زواجك، لأنهم لم يفرضوا عليك الزواج من أبيهم
من قبل ولم يختاروه أباً لهم.. وليسوا مسؤولين عن مشاكلك معه، فلا تخلطي
الأوراق ولا تعاقبي أباهم في شخصهم فهذا أسوأ ما يمكن أن تفعله أم بأبنائها
وقد قال الرسول (ص): ((كفى بالمرء إثماً أن يضيع مَن يعول)) وتذكري
الأسطورة القديمة التي تحكي أن الناس تضايقت من همومها فجاء الحكيم وطالب
الجميع بأن يذهبوا إلى الساحة ليلقوا بهمومهم.. ولما فعلوا.. عاد وطالبهم
بأن يختار كل منهم الهم الذي يناسبه ويستطيع تحمله، فكانت المفاجأة أن كل
واحد اختار همه القديم!!
ـ تصرفي بذكاء مع أبنائك.. فإذا كنت قد فشلت كزوجة وقلت فرصك في الزواج،
فلماذا لا تعوضين ذلك مع أبنائك؟ فتكونين أما ممتازة وتستمتعين بالشعور
بأمومتك الواعية، ولكن احذري ألا تتعاملي معهم كبدائل للزواج فتكبلينهم
بعواطفك مما يجعل النتيجة عكسية ـ لا قدر الله ـ واحرصي على منحهم الفرصة
للابتعاد قليلاً ثم يعودون إليك برغبتهم وهم أكثر إقبالاً على دفئك العاطفي
وحنانك.. وامنحيهم الحنان بسخاء حتى لا ينحرفون.. سواء كانوا ذكرواً أم
إناثاً.. أثناء سعيهم للحصول على الحنان خارج حدود البيت.. والحنان لا
يتعارض ـ بالطبع ـ مع الحزم عند اللزوم..
ـ إذا كان طليقك سلبياً ولا يقيم علاقة جيدة مع أبنائك ـ خاصة الذكور ـ لا
تترددي في الحديث معهم عن كل الأمور الخاصة (جداً) بهم.. وتحذيرهم من بعض
السلوكيات الجنسية الخاطئة والنظافة الشخصية وأضرار العادة السرية والإسراف
فيها.. ولا تخجلي من ذلك فهم أبناؤك.. وقومي بترجيح مصلحتهم على الخجل..
وتأكدي أنك متى فعلت ذلك فإن علاقتك الإنسانية ستتوطد بهم فضلاً عن حمايتهم
وتوعيتهم ـ أيضاً ـ ..
ـ لا تقعي في الخطأ الشائع باستعجال أحاسيس العرفان من الأبناء فستأتي ـ
حتماً ـ في الوقت المناسب بشرط عدم المن عليهم مع الحرص الدائم بإظهار أنهم
يحظون برعاية أفضل من التي يحصل عليها زملائهم الذين يعيشون في مشاكل
أسرية.. ويمكنك ـ بالطبع ـ طرح أمثلة من واقعك المحيط..
وردود أفعال أصدقائه وأقربائه، وتصرف الأبوين معه، وكيفية تعاملهم معه بعد
الطلاق، ومدى استيعابه لأسباب الطلاق تمهيداً لتقبله ووصولاً إلى اعتباره
الحل الأفضل للمشاكل القائمة فعلاً بين الزوجين والتي كانت ستهدد فرصته
الجيدة في حياة طيبة..
ـ لذلك ننبه إلى أهمية الأخطاء الشائعة في تعامل المطلقين وخاصة الأم مع
أبنائها بعد وقوع الطلاق..
ومن ذلك مثلاً.. ترديد كلمات أمام الأبناء تفيد بأنهم ضحايا وقد فقدوا
الاستقرار والتماسك الأسري، وبالطبع ليس من الذكاء تصور أي خير يرجى من ابن
ينشأ على الاعتقاد بأنه ضحية ومسكين.. وبدلاً من ذلك فمن الذكاء إفهامهم
بأنهم ليسوا أقل من الآخرين، وأن الطلاق أمر مشروع من الخالق، وكان يمكن
تحريمه في حالة وجود أبناء، لو كان سيقتلهم، وأن هذا الطلاق في صالحهم حتى
لا يعيشوا في جو نزاعات مستمر، وأن الاختلاف هو عدم إقامة الأب معهم، وهذا
يمكن مواجهته بإمكانية محادثته أو التوجه إليه متى أرادوا ذلك.. وتذكيرهم
بأنهم أفضل حالاً ممن مات أبوهم، وأن الطلاق ليس عاراً نتخفى منه، ولكن
العار يكمن في القيام بالأمور المخلة بالآداب أو القانون.. وأن كل من
والدهم وأمهم لم يفعلوا ذلك.. فليرفعوا رؤوسهم إذن.. ويستمتعوا بأيام عمرهم
ويفرحوا بكل النعم التي ينعمون بها، بدلاً من التباكي مما حرموا منه..
ـ أيضاً.. يجب التنبيه إلى أنهم لم يفقدوا التماسك الأسري، لأنه ببساطة لو
كان موجوداً لما حدث الطلاق.. وأن الطلاق كان لتصحيح موقف خاطئ وحياة غير
جميلة للجميع.. سواء للأبوين أو للأبناء، ولذا فالجميع أصحاب مصلحة في
حدوثه، وأنه لولا حدوثه لعاشوا في مشاكل متصلة، ولعجزت الأم عن توفير
اهتماماتهم المختلفة وتحقيق رعايتهم بالصورة التي يحبونها، ومتى أحس
الأبناء بأن الطلاق قد عاد عليهم ببعض الفائدة فإنهم سيتقبلونه بصورة
أفضل.. حتى يكفوا عن اتهام الأبوين أو أحدهما بالأنانية لعدم استمراره في
الزواج أو لظن أنه سبب حدوث الطلاق أو لكونه الساعي إلى حدوثه.. وبذا
ينقمون عليه لأنه يعيش أفضل مما كان بينما يدفعون هم الثمن ـ كما يتصورون ـ
وعندما يكتشفون أنهم استفادوا ـ أيضاً ـ فإن الوضع سيختلف جذرياً..
ـ ونحذر من تقمص الأم المطلقة لدور المتهمة عندما يسألونها عن أسباب
الطلاق.. فلابد أن تحرص على الابتعاد عن العصبية والتحدث بهدوء ـ قدر
الاستطاعة ـ ومعالجة الموقف بلباقة فائقة مع عدم التوسع في ذكر التفاصيل
التي تؤيد وجهة نظرها، فهي ليست في حادة لإثبات رداءة والدهم لكي تنال حبهم
أو تعاطفهم، وعليها أن تتذكر أنهم يحبونها فعلاً لأنها والدتهم،
وسيحترمونها أكثر كلما ابتعدت عن النيل من والدهم حتى لو فعل هو ذلك..
فستكون صورتها أفضل لديهم..
ـ ولكل مطلقة أقول: إذا كان طليقك يسيء معاملة أبنائك فلا تبالغي في
استنكار ذلك أو النيل منه حتى لا تشعرينهم بسوء الحال التي وصلوا إليها،
ومن الطبيعي أن يحملونك بدورهم ـ بعض المسؤولية ـ لأنك مَن وافقت على
الزواج من أبيهم بل وأنجبت منه أيضاً.. والأذكى والأجمل هنا أن تحولي تغيير
الحديث ـ إن أمكن ذلك ـ أو أن تقومي باحتوائهم عاطفياً، ويمكنك المزاح
معهم قائلة: لماذا لا نحتفل بأننا لا نعيش في مشاكل.. أما أن تسارعي بسبه،
ثم تسمحي لهم بالتقليد فهذا خطأ تربوي، ليس وراءه سوى الخسارة، ولا تبدي
سعادتك بأخطائه معهم، حتى لا تبدين في صورة الأم الأنانية التي تسعدها
أخطاء طليقها مع أبنائها لأنها تؤكد أحقيتها في الانفصال عنه، وتعاملي مع
الموقف بترفع جميل وستربحين دائماً..
ـ وتذكري دائماً أنك كلما وجهت الشتائم لطليقك أمامهم ازداد تعاطف الأبناء
معه ـ ولو سراً ـ واتهموك بالعدوانية دون أن يفصحوا بالطبع ـ وكوني ذكية
وابخلي عليه بذلك ـ وبالطبع ـ لا تقعي في النقيض بأن تكيلي له ألوان المديح
فيصبح من حقهم اتهامك وحدك بإفشال العلاقة، وكوني وسطاً في ذلك ولا مانع
من آن لآخر من (تسريب) معلومة عن واقعة حدثت أثناء الزواج وكانت من أسباب
الطلاق مع التركيز بأنك لا تحملين له أية ضغينة وإنك تتمنين له الخير لأنه
والدهم، وأنك لست نادمة على الزواج به بسبب إنجابك لهم، ولست نادمة على
الطلاق منه لصالحهم، وشجعيهم على زيارته من آن لآخر، والسؤال عنه بالهاتف
دائماً، وتذكره في المناسبات وعيد ميلاده، ومتابعة أموره عمله، فكل ذلك شيء
يحسب لك، وفي الوقت نفسه ينمي علاقتهم بوالدهم في إطار أنت تعرفينه جيداً
وترضين عنه، ويشبع بعض احتياجاتهم النفسية لوجود الأب في حياتهم مما يمنحهم
الاتزان النفسي ولا تبخلي عليهم به أبداً.. ولا داعي ـ مطلقاً ـ للخوف من
أن يتركونك ليذهبوا إليه، لأنه لا يوجد ـ أبداً ـ ما يعوض حنان الأم وحضنها
الدافئ..
ـ أما إذا حرصت على منعهم من زيارته أو التقليل منها، فالقاعدة تقول: إن كل
ممنوع مرغوب وسيحيطون والدهم بسياج من الأوهام والتقديس وسيقولون لأنفسهم:
لو كنا نراه لحدث كذا وكذا من الأمور الجميلة، وكلما حدث لهم أمر سيئ،
لقالوا: لو كنا نراه لما حدث..
لذا فمن الحكمة دفعهم لزيارته وليروا منه الحقيقة، فإذا كان حريصاً على حسن
التعامل معهم، فلماذا تلصقي بنفسك بشاعة الأنانية وترفضين ذلك؟ ألم تسمعي
بالمثل الشعبي (الجميل) القائل: (مَن يعطي ابني بلحة أتذوق حلاوتها في فمي)
وكوني أكثر ثقة في نفسك وفي عطائك، كما أنك لست في مباراة على طليقك
لإثبات من أفضل مع الأبناء الذين إذا شعروا بذلك يسارعون بابتزاز كل طرف..
وتذكري أنك تتبارين مع نفسك في العطاء لأبنائك لأنهم أبناؤك وحسب، وليس
لإغاظة طليقك، أو لإثبات أنك أفضل، أو ليقول الناس ذلك عنك، ولكنك تفعلين
ذلك لأن هذه هي رسالتك الحقيقية في الحياة ولأنهم يستحقون ذلك بالفعل
واستشعري جمال عطائك واحتفلي بنفسك وأفرحي كلما ازدادت قدرتك على العطاء..
أما إذا اقتربوا منه ووجدوا ما يسيئهم فسيتراجعون بإرادتهم.. ولا تحاولي
استعجال ذلك حتى لا يتشبثوا بالعناد.. وتذكري أن ذلك لن يقتلهم.. وأن
الحكمة تقول: ما لا يميتني يقويني، وتعاملي مع الأمر بهدوء.. وتذكري أن
الخبرات المؤسفة تعطي خبرات أكثر بالحياة، وإذا وجدت أن صورة الأب قد تشوهت
بأذهانهم فاحرصي على وجود الصورة الحقيقية ـ للأب كما يجب أن تكون ـ
أمامهم ولو في الخيال بالحديث عن والدك مثلاً.. أو أحد الأقرباء الذي
تتوافر فيه صفات الأب الصالح، وذكريهم بأهمية أن يراعوا عندما ينجبوا ألا
يكرروا تصرفات أبيهم التي ضايقتهم.. واحتضنيهم بحنان وأكدي لهم أنهم
محظوظون لأنك تسعين جاهدة لتعويضهم عن ذلك.. بينما هناك آخرون لا يتمتعون
بحنان كلا الوالدين.. ونمّى دائماً عندهم الإحساس بالرضا بما ليس في اليد
تغييره، والثقة بأن الله ـ سبحانه وتعالى ـ قد اختار لنا أخف الضرر..
وأشيعي في البيت داماً جو المرح والسعادة، ليرتبط وجودك معهم بالفرح
والحنان..
ـ تؤكد الدراسات النفسية أن معاناة الأبناء من الطلاق تكون في أشد صورها في
السنة الأولى من الطلاق حيث يكون بمثابة صدمة لهم، كما يشعرون بقلة
الرعاية الممنوحة لهم ويحاولون التمرد على سلطة الوالدين، ويشعرون بالقلق
على مستقبلهم المادي والاجتماعي أيضاً ـ ولا بد من التنبه إلى ذلك وإخبارهم
بأن أمورهم لن تتأثر بالسلب، ومحاولة تحقيق ذلك إلى أقصى درجة ممكنة، كما
أن هناك حقيقة نفسية هامة، وهي أن الأطفال حتى سن الخامسة تقريباً يكون
تأثرهم بآثار الطلاق النفسية والصحية أقل من نظرائهم ممن وصلوا لسن العاشرة
أو تجاوزوها حيث يزداد إدراكهم للأمور ويفهمون أسباب النزاع بين الأبوين..
ـ ومن الأمور اللافتة للنظر أن الطلاق يؤثر على علاقة الأبناء بأجدادهم من
ناحية الأب وكذلك أعمامهم وعماتهم.. ويجب على الأم الواعية أن تنتبه لذلك
وألا تحرم أبناءها من إقامة علاقة قوية مع أهل والدهم ـ متى رغبوا في ذلك ـ
على أن تتابع تفاصيل هذه العلاقة بذكاء حتى لا يقوموا بشحن الأبناء ضدها،
وهذا ما يحدث للأسف في بعض الحالات.. وهنا على الأم الذكية ألا تسيئ ـ
بصورة مباشرة ـ لأهل طليقها.. وألا تسرف في القلق من هذه الناحية، فبمرور
الوقت سيقل حماس أهل طليقها للإساءة إليها، وسيزداد وعي الأبناء بسوء نيتهم
وهذا لا يعني الإسراف في الاطمئنان، ولكن المطلوب هو التزام الحذر
المعقول..
ـ وهناك خطأ شائع تلجأ إليه بعض المطلقات وهو المبالغة في الإنفاق المادي
على الأبناء كتعويض عن الطلاق، وعندما يشعر الأبناء بذلك فإنهم يلجأون إلى
الابتزاز، وهذا أسوأ ما يمكن أن نفعله بأبنائنا، فقد تلجأ بعض الأمهات
المطلقات إلى الإسراف في منح الحرية والتدليل للأبناء، كتعويض لهم، وهذا ـ
أيضاً ـ خطأ فظيع قد يدفع الأبناء إلى الانحراف ـ لا قدر الله ـ فضلاً عن
شعورهم بأن هذا حق لهم لأن الأم تشعر بالذنب تجاههم بسبب الطلاق.. وعلى
الأم المطلقة أن تكف عن الشعور بالذنب، حتى لو كان لها دور حقيقي في ذلك،
ما دام ليس في الإمكان تغيير الأمر الواقع.. وأن تكف عن جلد نفسها وأن
تحاول ـ بجدية ـ تعويض أبنائها ـ ليس بالمال أو بالتدليل ـ ولكن بالتربية
الحازمة والحانية أيضاً، حتى يشبوا أبناء ناجحين ومستقرين نفسياً وقادرين
على التعامل مع الآخرين فهذا هو التعويض الوحيد والحقيقي لهم عن محنة
الطلاق..
ـ عندما يسال الأبناء عن أسباب الطلاق، فيجب السماح لهم ـ بل وتشجيعهم
أيضاً ـ على التعبير عن انفعالاتهم وغضبهم وحزنهم ومناقشتها بثقة وهدوء ـ
دون صراخ ـ والتأكيد بأن الطلاق كان لمصلحة الأبناء، وأن كلا الوالدين لن
تتأثر مشاعره تجاهه، وأن الأبناء ليسوا مسؤولين عن أي خلافات حدثت بين
الوالدين، حتى لا يشعرون بالذنب، وهذا ما يحدث أحياناً، كما يجب عدم محاولة
جذب الأبناء إلى الأم ضد الأب حتى يعاني الأبناء من الصراعات مما يضاعف من
معاناتهم الحقيقية مع عدم المبالغة في الخوف عليهم من الانهيار أمام
الطلاق، فالكثيرون من الأبناء تحملوا ـ ويتحملون ـ توابع الطلاق متى وجدوا
الرعاية والحنان من الأبوين أو من أحدهما فقط مع عدم التركيز على نقائص
الطرف الآخر..
ـ لا تنظري إلى أبنائك على أنهم قد حرموك من (فرصة) الزواج الثاني، فهناك
الكثيرات من المطلقات ـ بلا أبناء ـ ولم يتزوجن ثانية، كما أن هناك
الكثيرات من الفتيات اللاتي لم يتزوجن وهناك مطلقات بدون أبناء تزوجن لخدمة
أبناء الزوج من أخرى.. أليس الأولى أن تقومي بتربية أبنائك، كما أنه ليس
من العدل تحميلهم مسؤولية عدم زواجك، لأنهم لم يفرضوا عليك الزواج من أبيهم
من قبل ولم يختاروه أباً لهم.. وليسوا مسؤولين عن مشاكلك معه، فلا تخلطي
الأوراق ولا تعاقبي أباهم في شخصهم فهذا أسوأ ما يمكن أن تفعله أم بأبنائها
وقد قال الرسول (ص): ((كفى بالمرء إثماً أن يضيع مَن يعول)) وتذكري
الأسطورة القديمة التي تحكي أن الناس تضايقت من همومها فجاء الحكيم وطالب
الجميع بأن يذهبوا إلى الساحة ليلقوا بهمومهم.. ولما فعلوا.. عاد وطالبهم
بأن يختار كل منهم الهم الذي يناسبه ويستطيع تحمله، فكانت المفاجأة أن كل
واحد اختار همه القديم!!
ـ تصرفي بذكاء مع أبنائك.. فإذا كنت قد فشلت كزوجة وقلت فرصك في الزواج،
فلماذا لا تعوضين ذلك مع أبنائك؟ فتكونين أما ممتازة وتستمتعين بالشعور
بأمومتك الواعية، ولكن احذري ألا تتعاملي معهم كبدائل للزواج فتكبلينهم
بعواطفك مما يجعل النتيجة عكسية ـ لا قدر الله ـ واحرصي على منحهم الفرصة
للابتعاد قليلاً ثم يعودون إليك برغبتهم وهم أكثر إقبالاً على دفئك العاطفي
وحنانك.. وامنحيهم الحنان بسخاء حتى لا ينحرفون.. سواء كانوا ذكرواً أم
إناثاً.. أثناء سعيهم للحصول على الحنان خارج حدود البيت.. والحنان لا
يتعارض ـ بالطبع ـ مع الحزم عند اللزوم..
ـ إذا كان طليقك سلبياً ولا يقيم علاقة جيدة مع أبنائك ـ خاصة الذكور ـ لا
تترددي في الحديث معهم عن كل الأمور الخاصة (جداً) بهم.. وتحذيرهم من بعض
السلوكيات الجنسية الخاطئة والنظافة الشخصية وأضرار العادة السرية والإسراف
فيها.. ولا تخجلي من ذلك فهم أبناؤك.. وقومي بترجيح مصلحتهم على الخجل..
وتأكدي أنك متى فعلت ذلك فإن علاقتك الإنسانية ستتوطد بهم فضلاً عن حمايتهم
وتوعيتهم ـ أيضاً ـ ..
ـ لا تقعي في الخطأ الشائع باستعجال أحاسيس العرفان من الأبناء فستأتي ـ
حتماً ـ في الوقت المناسب بشرط عدم المن عليهم مع الحرص الدائم بإظهار أنهم
يحظون برعاية أفضل من التي يحصل عليها زملائهم الذين يعيشون في مشاكل
أسرية.. ويمكنك ـ بالطبع ـ طرح أمثلة من واقعك المحيط..
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى